على عرش بلقيس

التقى نزار "بلقيس" للمرة الأولى, ولم يكن يعلم أن عقله وقلبه سيتعلقان بها الى هذا الحد المجنون, الذي دفعه رغم الرفض المتواصل, الى الاستمرار في التقدم لخطبتها حتى نال ما كان يحلم به, التقاها في حفل استقبال بسيط في احدى السفارات العربية في بيروت, وكان خارجا لتوه من أزمة وفاة زوجته الأولى"زهراء" الدمشقية, وولده "توفيق" الذي توفي اثر عملية جراحية للقلب في لندن, وهو لا يزال في الثانية والعشرين من عمره. وكانت ابنته الوحيدة "هدباء" قد تزوجت وانتقلت لتعيش مع زوجها في احدى دول الخليج العربي. كان نزار وحيدا تماما وكانت بلقيس قبيلة من النساء, هيفاء فرعاء يكاد شعرها يلامس الأرض في استرسال لم تر عين نزار مثله. هكذا رآها, عفية وهدارة بشكل جعله يعود الى كتابة الشعر مرة أخرى بعد توقف دام ثلاث سنوات, لم يكن يعرف له نزار مبررا. ويقول: "لكنها بلقيس, أعادت الحبر للأقلام مثلما أعادت الدماء للعروق
تقدم نزار لخطبة بلقيس لأول مرة عام 1962, لكن عائلتها رفضت لما كانت تسمع عن نزار من أنه شاعر النساء والغزل والحب, ولم تأمن على ابنتها أن تعيش مع رجل كل كلامه عن النساء. وظل نزار يلاحقها باصرار شديد مدة سبع سنين, رفضت خلالها أشخاصا عديدين لأنها تحب نزار على الرغم من أنه يكبرها كثيرا, فهي لم تتجاوز 23 عاما, وهو في سن الأربعين
وعاود الكرة عام 1969, وكانت الموافقة وتزوجا ليعيشا معا في بيروت, ورزقا بطفلين: زينب وعمر. ونعم نزار معها بحب عميق لا تشوبه شائبة ولا تعكر صفوه الأيام, حتى جاء اليوم المشؤوم الذي فقد فيه نزار كل شيء. فقد قتلت بلقيس عام 1981 في حادث انفجار دمر السفارة العراقية في بيروت, وصمت نزار لصيح وقد جن جنونه: "سأقول في التحقيق.. اني قد عرفت القاتلين..

بلقيس..يافرسي الجميلة..انني من كل تاريخي خجول
هذي بلاد يقتلون بها الخيول..
سأقول في التحقيق:
كيف أميرتي اغتصبت..
وكيف تقاسموا الشعر الذي يجري كأنهار الذهب
سأقول كيف استنزفوا دمها..
وكيف استملكوا فمها..فما تركوا به وردا
ولا تركوا به عنبا..
هل موت بلقيس..هو النصر الوحيد في تاريخ كل العرب؟"

وبكى نزار بمرارة زوجة سقته من حنانها 12 عاما, نعم فيها بالراحة والسكينة, وصار يجمع ولديه, زينب وعمر, ويغلق بابه منذ الغروب, بعيدا عن الناس, عله يسبح بخياله فيقابل طيف بلقيس

© By WebTix