الكلمات بين أسنان رجل المخابرات

1
وأخيراً .. شرفوني .
كان قلبي دائماً ينبئني ..
أنهم آتون …
كي يعتقلوا الكلمة .. أو يعتقلوني ..
ولذا .. ما فاجأوني .
كسروا أبواب بيتي في جنيفٍ
لوثوا ثلج سويسرا ..
ومراعيها .. وأسراب الحمام ..
وتحدوا وطن الحب ، وإنجيل السلام .
وضعوا شعري بأكياسٍ ..
فهل شاهدتم ؟
دولةً تسرق عطر الياسمين
يا لها من غزوةٍ مضحكةٍ
سرقوا حبري ، وأوراقي ، ولم ..
يسرقوا النار التي تحت جبيني
إنني أسكن في ذاكرة الشعب ..
فما هم .. إذا هم سرقوني ؟؟…
2
وأخيراً .. دخلوا غرفة نومي ..
واستباحوا حرماتي
بعثروا أغطيتي ..
شمشموا أحذيتي ..
فتحوا أدويتي ..
دلقوا محبرتي ..
رقصوا فوق بياض الصفحات .
غزوةٌ تافهةٌ جداً .. ككل الغزوات
أي عصرٍ عربيٍ ؟
ذلك العصر الذي أفتى بقتل الكلمات ؟
أي عصرٍ معدنيٍ ؟
ذلك العصر الذي يفزع من صوت العصافير ،
وشدو القبرات .
أي عصرٍ لا يسمى ؟
ذلك العصر الذي يحبسنا
خلف أسوار اللغات .
أي عصرٍ ماضويٍٍ .. فوضويٍ .. بدويٍ ..
قبليٍ .. سلطويٍ .. دمويٍ ؟.
ذلك العصر الذي يطلق النار علينا
ثم يرمي جثث الكتاب ..
في قعر الدواة ؟؟
3
وأخيراً .. بلغوني ..
أنهم كانوا هنا ..
فلماذا بلغوني ؟
إنني أعرف بالفطرة أصوات بساطير العساكر …
وأنا أعرف بالفطرة ،
أوصاف ، وأحجام ، وأسماء الخناجر ..
جهزوا جيشاً خرافياً
لكي يقتحموا عزلة شاعر ..
تركوا خلفهم الروم .. لكي
يعلنوا الحرب على ريشة طائر ..
قدموا من آخر العالم ،
حتى يسرقوا بعض الدفاتر ..
آه .. كم هم أغبياء .
حين ظنوا أنهم
يقتلون الشعر إن هم قتلوني …
لم أكن أعرف ما حجمي ..
إلى أن هاجموني ذات ليله ..
فتأكدت بأني ..
شاعرٌ يرعب دوله …
4
وأخيراً .. شرفوني
لم يكونوا من بلاد الباسك..
أو من جيش إيرلندا ..
ولا هم من عصابات شيكاغو ..
إنني أعرف من هم غرمائي ..
فلماذا أرسلوا خلفي كلاب الصيد كي تنهشني ؟
هل كلاب الصيد صارت ..
تتسلى عندنا في أكل لحم الشعراء ؟؟
إنهم يدرون أن الشعر عندي .. هو فن الكبرياء
وهم يدرون أن لا أحداً نفض الغبرة عن كعب حذائي ...
وهم يدرون أني ..
لم أقدم لسوى الله ولائي …
5
وأخيراً .. شرفوني .
حاولوا أن يفتحوا ثقباً بتاريخي
وأن يكسروا أنف غروري .
نبشوا أصلي . وفصلي . وجذوري.
نثروا قطن مخداتي .. وناموا في سريري .
قرأوا كل رساله ..
وبيانات المصارف .
بحثوا عن ئبر نفطٍ .. كنت قد خبأته تحت الشراشف !!
حاولوا أن يجدوني واقفاً في طوابير العماله ..
أعميلٌ أجنبيٌ ؟ بعدما حفر الحزن دروباً في جبيني
أعميلٌ أجنبيٌ ؟ . بعدما قدمت روحي ..
للملايين .. وقدمت عيوني …
6
حاولوا أن يمسكوني ..
وأنا أرهن في السوق السياسي ، ثيابي ..
حاولوا أن يضبطوني ..
وأنا أقبض أتعابي على بيتٍ من الشعر كتبته ..
أو يسمون إماماً واحداً كنت قصدته ..
حاولوا أن يجدوا لي صورةً، وأنا أرقص في ديوان كسرى
أو أصب الخمر في عرس ثريٍ .. أو أمير ..
لم أكن يوماً من الأيام طبالاً ..
ولا زورت شعري .. وشعوري..
كان شعري دائماً أكبر من كل كبير ..
ليس عندي ذهبٌ .. أو فضةٌ ..
فرصيدي هو قلبي .. وضميري …

© By WebTix